الأربعاء، 25 يناير 2012

ما هي العدوانية؟


ما هي العدوانية؟
عمر السبع
(العدوان ظاهرة منتشرة بين الأبناء في مدارسنا ومنازلنا بصورة أكبر, من الاعتداءات والمشاجرة, وهو مصطلح يستخدم يشير إلى مدى واسع من النشاطات الهجومية والدفاعية.
ولقد تعددت تعريفات علماء النفس للسلوك العدواني على النحو التالي:
أنه (أسلوب يُفضي إلى إلحاق الأذى بإحدى الكائنات الحية, أو إفساد كائنات غير حية وتحطيمها).
(هو السلوك الذي يؤدي إلى إلحاق الأذى والدمار بالآخـرين، بالفعـل أو بالكـلام، والجانب السلبي منه يعني إلحاق الأذى بالـذات).
(هو السلوك الذي يعتدي به الطفل على الآخرين، بهدف إيذائهم، سواء بالقول، مثل: السب والشتم والكلام الجارح، ووصف الآخرين بصفات سيئة، وإيقاع الفتنة بينهم، أو بالفعل، من خلال استخدام الطفل لأعضاء جسده، مثل: الضرب والعض والركل).
(هو ممارسة القوة، أو الإكراه ضد النفس، أو الغير عن قصد، وعادة ما يؤدي العنف إلى التدمير أو إلحاق الأذى أو الضرر المادي وغير المادي بالنفس أو الغير، والسلوك العنيف نواة للإجرام).
(هو سلوك تعويضي عن الإحباط المستمر، وهو نشاط هدام يقوم به الفرد لإلحاق الأذى بالآخرين, سواء عن طريق الاستهزاء الكلامي أو الألم الجسدي).
ويُعَرِّف "بالدوين" العدوان بأنه "سلسلة متعاقبة من الاستجابات المتعلمة، والتي تستهدف الإيذاء والضرر النابع من شخص ناحية الموجِّه إليه هذا السلوك".
ويعرفه باكمان بأنه "سلوك يؤدي إلى إحداث الأذى والضرر بشخص ما أو موضوع ما".
ويعرفه مورجان بأنه (مجموعة من الاستجابات الصادرة من الشخص، والتي تهدف إلى الاعتداء على الآخرين، وإحداث تكسير أو تحطيم في شيء ما أو إحداث ألم لفرد ما) [علم نفس الطفولة ومشكلاتها, د.أحلام حسن محمود ود.أحمد شعبان محمد, ص(10-15)].
الخلاصة:
هي أن (العدوان سلوك مقصود يستهدف إلحاق الضرر أو الأذى بالغير, وقد ينتج عن العدوان أذى يصيب إنسانًا أو حيوانًا, كما قد ينتج عن تحطيم للأشياء أو الممتلكات, ويكون الدافع وراء العدوان دافعًا ذاتيًّا) [عدوان الأطفال, محمد علي قطب ووفاء محمد عبد الجواد, ص(13-16)].
ومن خلال هذا التعريف يتبين لنا الفرق الكبير والبون الشاسع بين الغضب الطبيعي (الفطري)، وما ينتج عنه من غريزة المقاتلة، وبين العدوان المقصود وما ينتج عنه من الإيذاء الشديد للآخرين.
فشتان بين سلوك الغضب الفطري وبين سلوك العدوان؛ فالسلوك العدواني سلوك يحمل الضرر إلى كائنات أخرى من الإنسان أو الحيوان, فالطفل قد يؤذي طفلاً آخر ينزع لعبته من يده, وقد يفعل ذلك في مشاجرة حول ادعاء حق ملكية شيء ما, وقد يفعل الشيء نفسه إذا طلبت المعلمة أن تنزع جميع اللعب من الأطفال وتوضع في مكان آخر, بل قد يفعل الشيء نفسه مع أحد والديه خلال اللعب مع أيٍّ منهما.
ويدخل ضمن السلوك العدواني الذي يتضمن الإضرار الجسدي، الأفعال التي تتدخل في أي سلوك مشروع يقوم به الآخرون؛ مثل استخدام السباب أو المنع أو الإكراه بالتهديد, ويعد التصرف عدائيًّا إذا ما أدى عادة إلى إثارة رد فعل ينطوي على الضرر أو الإيذاء أو الاحتجاج أو الانتقام أو الانسحاب أو الصراخ أو الشكوى لصديق أو معلمة.
ومن المواقف الخاصة التي يستثار فيها السلوك العدواني:
1- النزاع حول الملكية لشيء ما أو حول الأحقية في مكان ما.
2- المطالبة باستبعاد طفل آخر من جماعة اللعب أو جماعة الرفاق.
3- الاختلاف بسبب تصادم الرغبات حول الأدوار التي يقوم بها الأطفال, أو حول التعليمات التي تحكم اللعب بينهم.
4- التمسك بحق التفوق على الآخرين, "من يتصدر المجموعة؟" فقد يصر أكثر من طفل على التصدر.
5- الاختلاف حول تنظيم العمل في المجموعة، والتشدد في تطبيق قوانين الحضانة.
6- العقاب القاسي بسبب عدم الاتساق مع النظام؛ كالكذب أو الغش, المطالبة بشيء ليس له.
وهناك مواقف يحدث فيها العدوان على شكل إزعاج متكرر أو مضايقات للآخرين بشكل مستمر, وفيها لا يحقق العدوان شيئًا ملموسًا أو ماديًّا للمتعدي من وراء سلوكه, وإنما ينجح فقط في إثارة رد الفعل من الغريم.
كما أن هناك مواقف تتضمن الإزعاج المتكرر جسميًّا وبدنيًّا, وفيها يحدث الاشتباك البدني مع الغريم في تصارع أو المسك بإحكام "في غير مواقف اللعب", وجذب الشعر أحيانًا والتراشق بالرمل أو التراب.
(وثمة مواقف يلجأ فيها المتعدي إلى إغاظة غيره عن طريق التدخل في الألعاب التي يقومون بها, أو في الأنشطة التي يمارسونها, ولا يكون ذلك بغرض الحصول على تلك الأشياء؛ فقد يلجأ إلى إيقاف أرجوحة التوازن التي يجلس على كل من طرفيها أحد الأطفال؛ ليعطلها عن العمل, وقد يقوم بهدم القلعة الرملية التي كدح غيره من الأطفال في بنائها, وقد يستخدم ألفاظ التوبيخ الساخرة موجهًا إياها إلى غيره من الأطفال.
كما أن هناك مواقف يغلب أن يأخذ فيها العدوان شكل التهديد المادي أو اللفظي، باستخدام القوة والعنف أو بإبداء العداوة، مثل: سوف أشكوك للمعلم, أو لن أشركك في اللعب بعد اليوم.
وهناك مواقف يظهر فيها العدوان أثناء اللعب على هيئة تعرض بدني: كالإمساك من حول الرقبة والرمي بعنف إلى الأرض، أو الإكراه على القيام بعمل ما تحت وطأة التهديد، أو حجز الخصم ضد رغبته في مكان معين "حبس غير قانوني") [عدوان الأطفال, محمد علي قطب ووفاء محمد عبد الجواد, ص(21-23)].
صور العدوان:
ومما يؤكد عمق ظاهرة العدوان وأنه لا يسهل نعت الطفل بها؛ هو أن للعدوان صورًا كثيرة وأنواعًا عديدة، هي حصاد تراكمات الكبت النفسي الذي يعاني منه هذا الطفل العدواني, ويمكن حصر هذه الصور في التصنيف التالي:
أولاًـ عدوان موجه نحو الآخرين:
1. عدوان لفظي:
عن طريق الكلام أو التمتمة, ويشمل التهديدات والسب والتلفظ بألفاظ نابية تجاه الآخرين.
2. عدوان مادي:
عن طريق إحداث الأذى المادي بالآخرين؛ كالركل والدفع والضرب.
ومن أبرز مظاهر الطفل العدواني تجاه الآخرين:
• يتفوه بتعليقات وضيعة، تُحقِّر الآخرين.
• (نادرًا ما يبدي اكتراثه أن وقع ظلم على شخص آخر أو أُسيئت معاملته.
• يبدو مستمتعًا بإهانة الآخرين أو تهميشهم؛ سواء أكان هذا في الكتب أو الأفلام أو البرامج التليفزيونية عند مشاهدتها، أو الاستماع إليها، أو عندما يحدث ذلك في المواقف الواقعية.
• يعامل الحيوانات بوحشية.
• لا يعامل غيره بلطف أو طيب خلق، إلا عند توقع حصوله على شيء في المقابل.
• يسب ويهين ويُحقِّر الآخرين.
• يبحث عن نقاط ضعف الآخرين.
• نادرًا ما يلتفت إلى هموم الآخرين، أو يساعد شخصًا بحاجة إلى مساعدة، أو يساعد شخصًا حزينًا) [لا تعاملني بهذا الأسلوب, د. ميشيلي بوربا, ص(141-142)].
3. المشاعر العدائية:
فإذا كان العدوان الصريح يأخذ أشكالاً ظاهرة تتمثل في الاعتداء البدني، أو الاعتداء اللفظي، أو بالتخريب أو بالمشاكسة والعناد، ومخالفة الأوامر والعصيان والمقاومة؛ فإن المشاعر العدائية أو العدوانية تتخذ شكلاً من العدوان المضمر غير الصريح؛ كالحسد والغيرة والاستياء, كما تتخذ شكل العدوان الرمزي الذي يمارَس فيه سلوك يرمز إلى احتقار الآخرين, أو توجيه الانتباه إلى إهانة تلحق بهم, أو الامتناع عن النظر إلى الشخص وعدم الرغبة في مبادرته بالسلام أو رد السلام عليه.
ثانيًا ـ العدوان الموجه نحو الذات:
ويحدث هذا النوع من العدوان لدى الأطفال المضطربين سلوكيًّا؛ حيث يوجهون عدوانهم نحو الذات، بهدف إيذاء النفس وإيقاع الأذى بها، ويأخذ هذا النوع من العدوان أشكالاً متعددة؛ مثل تمزيق الطفل لملابسه وكتبه، أو لطم وجهه وشد شعره، أو ضرب رأسه بالحائط، أو جرح جسمه بأظافره، أو عض أصابع يديه، أو حرق أجزاء من جسمه أو كَيِّها بالنار.
ورقة عمل:
حتى نُسهِّل عليك التعرف على العدوانية عند الطفل، سنقدم لك ـ عزيزي المربي ـ نوعين من الاستبيانات, تستطيع من خلالهما أن تتعرف إذا كان طفلك عدوانيًّا أم لا:
ولكن قبل أن تكتب بيانات هذين الاستبيانين تذكَّر أن طفلك لابد أن يكون أكبر من خمس سنوات, لأننا اتفقنا مسبقًا أن الطفل حتى عمر الخمس سنوات، لا يمكن أن نصف سلوكياته مهما كانت بالعدوانية.
الاستبيان الأول: (العدواني مع نفسه):
السلوك
نعم
لا
1. يُمزِّق ملابسه وكتبه.
2. يلطم وجهه ويشد شعره.
3. يضرب رأسه بالحائط.
4. يجرح جسمه بأظافره.
5. يعض أصابع يديه.
6. يحرق أجزاء من جسمه بالسجائر أو يكويها بالنار.
7. يضرب الرأس باليدين أو بآلات مؤذية.
إذا كان طفلك يفعل أغلب هذه السلوكيات أو بعضها نسبة لا تقل عن 70 بالمائة مع نفسه؛ فاعلم أنه عدواني مع نفسه.
الاستبيان الثاني: (العدواني مع الآخرين):
السلوك
نعم
لا
1. يضرب كل من يمر أمامه من زملائه.
2. يضرب الأطفال الأصغر منه بطريقة عدوانية.
3. يقوم بتخريب الأشياء وتكسيرها.
4. يُكثِر من التلويح باستخدام العنف واستخدام ألفاظ التهديد والقذف.
5. يهوى إشعال الحرائق وإتلاف الممتلكات.
6. يكثر من الإجابات الفظة والتذمر والإغاظة.
7. يميل دائمًا إلى استخدام الألفاظ النابية في تعامله مع الآخرين.
8. يخنق القطط والعصافير والكلاب، وأحيانًا يعذبها حتى الموت، وهو يستمتع بذلك ولا يكف عن إثارة المشكلات.
9. يعتمد على القوة والعربدة؛ مما يؤدي إلى نفور الأطفال منه بعد ساعة أو ساعتين من الاحتكاك به أثناء اللعب.
10. تكثر لديه الاندفاعات ويميل للمواقف العنادية.
11. تزداد لديه أفكار مثل الانتقام، فعل الأذى حبًّا في الأذى، الغيرة، الشعور بالنقص الجسماني أو النفسي، الغرور، التعصب لجنس أو نوع أو مذهب.
12. يجد صعوبة في إيجاد صداقات في المدرسة.
إذا وجدت أغلب هذه الصفات أو بعضها في طفلك بنسبة 70 بالمائة؛ فطفلك عدواني مع الآخرين.
المصادر:
• لا تعاملني بهذا الأسلوب, د. ميشيلي بوربا.
• علم نفس الطفولة ومشكلاتها, د.أحلام حسن محمود ود.أحمد شعبان محمد.
• عدوان الأطفال, محمد علي قطب ووفاء محمد عبد الجواد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق